الأربعاء، 17 سبتمبر 2008

رطوش


لم أكن أدرك في مكان غير هذا المكان كيف تكون ملامحه عندما نفترق لأنني أبدا
لم أعزم على الفراق . أطلقت عقلي يسطّر خيالاته وأحلامه في قصر حجارته من ذهب
وسيدة عواطفها من حجر وحاجبين مرفوعين في تأمر واحتقار .لا تتعب يدها من رفع السوط
وإسقاطه بكل قوة على ظهره حبيبها .لا ترهقها أناته ولا نظرات عتابه .
ذلك الذي كان من خمس ثواني فقط هو نصف روحي بل كلها .. شريكي في طبق أبيض مقشور
وكسرة خبز جافة وحلم واحد بالاحتواء .
قد زال عني صوتي الرقيق ومشاعري الغضة وتنهداتي وأنا أتشبث في يده ..نسير لا ننظر خلفنا لانعبأ بالسيارات الفاخرة ولا بفترينات محلات الماركات .أرضى فقط بكوني بين ذراعه قطة بيضاء تغمض عينها حين يحرك يده على فرائها الناعم فتنام في أحضانه أمام المدفأة وإن كانت حزمة من حطب مشتعل .بعد خمس ثواني .. أنا المتجبرة .. القاسية .. كرهت كل ملامحه ورأيت كل عيوبه .. رائحة فمه الكريهة وطريقته المستفزة في تناول الطعام ..البقع السوداء التي في وجهه..عيونه الذابلة . لم أعد أقدّر رجولته ولا أستشعر الدفيء منه ذلك فقط لأني الآن أوقع في كشف الرواتب أمام أول راتب لي.. خمسمائة جنيه مصري فقط لا غير

ليست هناك تعليقات: