الجمعة، 2 أكتوبر 2009

أرابيسك

للعيون حق ان ترمي لبعيد
حيث الخيزران .. الأرابيسك وعطر الخشب البيتي يرقص مع روح البخور المغربي الخالص
النساء في هذا البيت لا يرتدينّ سوى العباءات البيضاء المطرزة .. الشفافة .
النساء في هذا البيت اختنقن في اطارات الصور التي أزيل عنها التراب كل صباح.
التراب أحد انواع العطور هنا .. يشجعني على الابتسام .. سيفونية ألف ليلة وليلة ومجلد الحكايات الكامل .. ابني عمر في حضني سويا على كرسي الارابيسك حيث يستمع ويقلد منتفضا
:- أيها الجني الجبان اظهر وبان .
أبتسم وأعيده إلى حضني والحكاية .. يضع قبلة على وجهي لا اقارنها بأبيه .
:- ماما صوتك حلو .. حلو . احكيلي .
أحكي وأضم وأقلد الأصوات .. أبكي كلما وقعت عيوني على نساء البيت اسيرات الصور والحائط .
أحكي عن ذات الحسن . يقاطعني عمر :- يعني ايه ذات الحسن ياماما
:- يعني بنت جميلة قوي . وريني بقى هتقلدها إزاي دي.
انقلت من بين ذراعي كالقط واختفى لحظات ثم عاد واضعا على رأسه طارحة كانت ليّ مبتسما بحياء.
:- ماما اناكده بنت .. وبنت حلوة كمان.
تركت لحكاية وجريت ألاحقة املا في عضه .. هذا الشقي الذي ملأ حياتي .
عمر كان يخيفني كثيرا من كثرة الروايات التي نحتضنها معا يؤكد لي أنه يرى أشباح أبطالها في الغرفة تحوم حول رؤسنا وهم يجسدون الحكاية باقتدار.
يرى الجنيات .. السيف .. السمك المسحور والأمير الذي نصفه حجر ونصفه بشر .. بحيرة الاسماك الغريبة والعجوز التي حولت ابن زوجها حمارا .
كنت أشعر بخوفه عندما يدفن رأسه فجاة في حضني ويعتصرني بقدر قوته الرطبة .
عمر ماعادا يسمع الحكايات ولا يقرأ معي الروايات ويجسدها .. لم يعد يستتر بخضني من اشباح الكتب ..بعد ان بعت كل كتب البيت الميت لبائع الروبابكيا
وكتفيت بعباءة بيضاء مطرزة شفافة وكرسي ارابيسك وصور نساء كنا هنا وغادروا دون ان ينتبهوا اني تسللت خفية منهم وبقيت هنا وحدي ..
أزور البيت كلما سمحت السماء .. اتسلل ليلا لأزيل التراب وأغذي وقود الونّاسات الصغيرة .. دون ان يشعر الجيران .