الاثنين، 29 سبتمبر 2008

عذرا للفهم الخاطيء


النهاية هي التي لا أريدها لنفسي الآن ..لأني أعلم شكل النهاية . للخوف لحظات في حياتي نسيتها في لحظة خوف سكنت كل جزء من جسدي .. ارتباك أعضائي عاق لساني عن الكلام ..جرد صوتي الصوت ..قلبي لم يعد قلب أخذ يتقلص ..يتقلص في نهاية مشوار حياتي باهت أمامي الآن ..هل عشت فعلا قبل هذا الارتجاج ؟ النهاية حتما ستكون البداية لفقدان الماضي والحاضر والمستقبل لا أتذكر الآن أي حدث في حياتي . أحاول أن أبعث نداء روحاني إلى أمي كي تنقذني دعواتها بالنجاة فنسيت خط الاتصال . نسيت ملامحها .. ولا أرى في ذاكرتي ولا في هذا الظلام المربك غير أنياب الذئاب واستغاثات صدر مزقت سترته وشفاه قبلت عنوّة من أفواه لا حصر لها .. أضغط كل ضلع من أضلعي لتقل مساحته لأظهر أمام عينه قبل أن يستعين بأعين غيره أني طفلة صغيرة الحجم ليس لدي ما ينهي شهوته بابتسامة فخر ..طائر الخوف الحائر يسكن قلبي الآن أكثر مما يسكن قلوب تتستر بالظلام في الظلام تحت قذف مشتعل ودائرة متوسطة العمق من الدماء .. هل ستأتي الطلقة من الخلف .. من الأمام .. أم قذيفة من السماء ؟ ماهي مشاعر من وقع الآن تحت ناب ذئب جائع قد استفز جوعه وجودك لحما مرسوما على الحائط سيأكله مرة واحدة أم سينتقم لاستفزازه بكونك آدميا له صورة عارية على الجدران في أشد لحظات جوعه ؟ أتساءل هل هناك ما يسكت الذئاب عندما تعوي؟ فتكون الإجابة لا يسكت عواء الذئاب غير ما يمنع لعابها من السيلان . أواصل الانضغاط لأتقلص في أقل مساحة .. محاولات فاشلة لإخفاء علامات الأنوثة التي أفرحت أمي ذات يوم باني أصبحت عروسة . كلما امتد بنا الطريق لا أرى إلا الظلام . وعندما رفع هاتفه على أذنه أدركت أن هناك عند منحنى معين سأجد في انتظاري الكثير من الذئاب . أرخيت كل مقبوض في جسدي ورحت أبحث في حقيبتي عما يبعث الأمان فأغير النهاية .. كتاب شعر عمي .. قلم حبر أزرق ..حافظة منتفخة ..أدوات ماكياج إلا المرآة التي أبدا لا أحملها ليتها كانت معي الآن فأمزق شرايينهم أو شراييني أنا ..اسبراي معطر ..هل أسرق موقد سجائره وأشعل النار في المعطر فينفجر فيّ وفيه ؟
النهاية ..الطريق المتعرقل يرفع السيارة إلى أعلى ويخفضها بقوة فيزداد تأرجح أعضائي في فراغ روح أسلمت نفسها لله تنتظر النهاية . بعد نصف ساعة من المسير بتلك السيارة في هذا الطريق كانت نهايته أمامي خرابة مملوءة عن آخرها بأكياس بلاستيك رصاصية ربما كانت أكياس زبالة أو جثث السابقات قد مص دمهم . لا أستطيع النظر إليه هذا السائق الذي لا يزال يضع هاتفه على أذنه رنات أجراس تتسرب من الفراغ بين سماعة الهاتف وأذنه .. لا أحد يجيب .هل هذا نظامهم رنة فحسب حتى لا أسمع حديثهم فأصرخ ؟ كم عددهم ..لا يهم ..هل سأشعر بكل انتزاعاتهم أم سأموت مسبقا ؟ هل سيغريهم جسدي الذي ازرق لونه من الخوف ؟ أم لن يروا لونه في هذا الظلام ؟ هل سأصرخ أم سيكتم أحدهم صوتي ؟ فقدت كل أداءات جسمي .. لا صوت لانفس لا حركة لا إحساس .
عندما وصلنا لتلك الخرابة التي رأيتها تهتز أمام عيني الغارقة في الدموع لم أنظر إلى الممر اليميني .. لم أره إلا عندما دخل منه ..في نهايته نور لبنزينة وأنفاس حياة من جديد وابتسامة من السائق أنّا قد وصلنا ..آسفا على التأخير . خرجت من التاكسي ميتة أود تقبيل يد أبي الذي يمنعني من الخروج بمفردي ليلا فأشاكسه بالبكاء فيرضى مضطرا .. أوافقه تماما على رجاءه ليّ بالزواج إذا كان هذا الزوج سيحميني من لحظات تيه بين الموت بقطع الشرايين أو بانفجار الكحول المضغوط أو بالاستسلام لتمزق جسدي تحت أنياب ذئاب نهمة .
جلست على الأرض فوق موضع التاكسي الذي أنزلني .هل ظلمت السائق أم ظلمت نفسي ؟ عشر دقائق هي مدة عودة روحي الهاربة إلى مكانها .. روحي التي لن أفرط فيها بسهول بعد ذلك لأي هوى أو لأي هدف .
في بيتي كنت أعانق الارتعاش كي يهدأ قليلا حتى لا يتمزق حجابي الحاجز ولا يغمرني العرق والدموع فأغرق لأني لا أعرف العوم.

ليست هناك تعليقات: