الخميس، 5 مارس 2009

ادفع عشرة جنيهات ولا تدخل النار


من تلك الشرفة القصيرة يظهر نصف جسدي تقريبا .. يراني المارة باعتياد ولاشيء يثيرهم على التغزل . أنا من أقدمين الحي والكل هنا يعرفني إلا هذا الضيف الجديد الذي استأجر أمام منزلنا هذا الدكان . ملتحي .. صغير السن يصطحب معه ولد صغير بجلباب أبيض قصير والزبائن يدعونه "أبو عصام " إذا فهذا عصام ابنه . لأن طابع الحي متدين فشيء مريح جدا أن يكون هذا البائع متدينا أكثر . القرآن لا يغادر أجواء دكانه ليل نهار .
ثلاثة أسابيع تمر على الضيف الجديد وكل يوم أراه يستقطب أطفال الحي الذين يترددون عليه ..يسألهم عن حلواهم المفضلة ليجلبها لهم .. بدأت هكذا ثم استغل إنجاذبهم إليه وأخذ يؤسس قواعد الدين فيهم .. كنت شغوفة جدا لسماع حديثه معهم . حدثهم – الأطفال- عن ضرورة الصلاة وحفظ القرآن .. حدثهم عن أن النقاب فرض صريح وأن من الواجب عليهم إلزام نساء بيتهم بارتدائه و إلا كن سببا في دخولهم النار .
تابعت أثر حديثه على الأطفال وبالذات على هذا الطفل القصير والثمين جدا وأصغرهم سنا وكيف تحول وجهه حين أخبره بأنه سيدخل النار لأنه يترك أخته الكبيرة دون نقاب .. تابع الطفل حاله فقال بمنتهى البراءة:- عم إذا اشتريت منك بعشرة جنيهات حلوى كل يوم ولازالت أختي لا ترتدي النقاب سأدخل الجنة؟
ترك سؤاله يركض في المسافة القصيرة بينهما والكبيرة جدا مابين العقلين وهو باك معللا انه فشل في إقناع أخته بارتداء النقاب .
أومأ أبو عصام :- حقا ! أها حينها لا تدخل النار أختك وحدها من يدخل النار ولكن افعل ما وعدت فإن وعد الحر دين سوف يعاقبك الله إن أخلفته .
كان هذا الطفل رقيق جدا ظلت الكوابيس تطارده ويقصها على أخته كل صباح ..أنه رأي الله وحشا مخيفا يعذبه ويأمر وحوشا صغيرة أن تلقيه في نار شديدة الاحمرار . يقبل يدها لتفعل ما ينقذه من الله الوحش .لا يجدي معه نقاش فتأثير الآخر أكبر- هكذا الأطفال دائما ينصتون جيدا للأغراب- لاحظت استقرار حال الطفل وتردده الدائم على دكان " أبو عصام" . لازلت أنا في مكاني بين أحداث الحي من تلك الشرفة أفزعني صوت أبي :- من سرق مني أمس واليوم عشرة جنيهات ؟؟!.

ليست هناك تعليقات: