
الحمد لله :-)
| ||
يمتد الطريق ببطء قدماي .. يفتت البرد أطرافي فأشعر أنني ضعيف جدا أمام هذا الغول
كانت أمي تحكي لي كل ليلة كيف كانت الساحرة الشريرة تشعل النار بكلمة غريبة في بيوت الأطفال الصغار
لأن معهم ملائكة تكرههم كثيرا ثم يفسد الله خططها بإنزال المطر! ليحمي أحبائه الصغار . حينها أعطيت ظهري لأمي
مستقبلا النوم بابتسامة وأمل أن أرى الله الطيب الذي يحب كل الصغار ويحميهم من شر الأشرار.
أعطيت لأمي ظهري لأنام ساعات وأصحو منتظرا النوم الذي يأتي كل يوم بحكاية جديدة
لكنني لم أكن أدرى أنها آخر الحكايات .. الدنيا الآن تمطر في الذاكرة
وأنا الطفل الوحيد السائر في الطريق .. كيف للمطر صديق الخير أن يسقط كل برودته وصقيعه علىّ فأنا لست شريرا؟!
.. أخذت ألتفت يمينا ويسار أبحث عن مكان يسترني من المطر
هناك تحت منزل صغير جدا استقبلت الدفيء البسيط المتسرب من داخله .. ناظرا إلى السماء ومنها إلى تلك النافذة المواربة في البيت المقابل لم يظهر منها سوى يد طفل صغير تحاول أن تمسك حبات المطر .. رآني ابتسمت له ورحت أقلده
حتى مر رجل ضخم من أمامي ربت على كتفي ووضع في كفي جنيها معدنيا ومضى !
ابتسمت لأن الله الطيب لازال يحب الصغار !
أذكر يوم أن فاجأني هذا الشاب وقال وسط الحضور بصوتٍ مرتفع :- انتي برج الدلو مش كدة ؟.
ابتسمت باندهاش :- اه فعلا أنا برج الدلو انما انت عرفت منين؟
أجاب بابتسامة هدأت على شفتيه :- أصلك مبتسمة طول الوقت ودي صفة من صفات برج الدلو .
حقيقي أنا لا أعلم سر ابتسامتي الدائمة رغم أنني أَبِيتُ في حزنٍ عميق ولا أعرف هل من كتب صفات برج الدلو قد
أدرك أن ابتسامهم يخفي حزن دائم أم اكتفى بالظاهر وحسب؟
أكتب لأُحصي أيّ المواقفِ في عامي الذي شَرُف على المُضيّ أسعدتني بحق ..أحاول فعلا التذكر لكن لا أقع على شيء
كلها ابتسامات عابرة أحاول بها الخروج من كوابيسي التي لاتنقطع.. شيء واحد ربما أسعدني هو أنني قمت بغزل كوفية
وجورب من الصوف لأقابل ديسمبر وأنا في تمام الدفيء لأنني أعلم أنه لايرحم وحدتي
فقد صار البرد عجوزا يجلس في غرفتي أتم الستين شتاء وأنا قد أقنعت نفسي بصداقته حتى
غزلت الصوف..ولكني أشعر أن العام القادم كله سيكون خاضعا لديسمبر
كم أنت قاسٍ وأنانيّ ياديسمبر قد أرسلت ثلجك لكل شهور القلب الوحيد جدا
في عامي الجديد أتمنى أنا أرى زهر اللوز .. أن أجري في هواء بارد ومنعش حتى تحمر أطراف أنفي فأبتسم بصدق
أتمنى أن ألد ديواني الأول ..ألا أشعر بالبرد ثانيةً !
يارفيقةَ العمرِ القصيرِ جدًا,لم يعد في غرفتي إلاي .. الكوابيس استقوَتْ بوحدتي
وأنفاسكِ عالقةٌ بكتبي كتعويذةٍ حزنٍ سكنت واستحكمت
يارفيقةَ العمرِ المعذبِ, لم تعد للأنفاسِ أنفاسٌ ولا للعمرِ مدادٌ أبيض.كل الأيامِ غائماتٌ دونَ مطر
أصبحتُ أكره القهوةَ والكتبَ والموسيقى,كلُّها محفزاتٌ للحنين ..
.. الأماكنُ لم أقربها بدونك صرتُ أرى كل شيءٍ أسودًا
وأنا أهمس لصورتِكِ في قلبي صَدقْتي يا أنا " مرسومةُ أَسود"
ألكِ كلُّ هذا العشق؟ .. اختزلَتهُ الأيامُ وأهدَرَت حقهُ الضحكاتُ ووارتْهُ الحَكايا
ليتني قبِلتُ منكِ كلَّ الهدايا,علّها تطفيءُ حنيني, ليتني ما استنكرتُ آخِرَ دفيءٍ في فنجانِ قهوتكِ وقلمِك
وأنتِ تؤكدينَ أنَّكِِ لن تفارقي أبدًا .. ليتني ما أعطيتُكِ ظهري وأنتِ باسمةٌ باكيةٌ تفردينَ ذراعَيْ روحِكِ
توسعينَ الحضنَ الرحيم .
لكِ .. لكِ وحدَكِ أكتبُ وأُشْهدُكِ ما عادَ لديَّ سوى الحنينُ يا روحَ روحي واشتياقَ جنوني
لكِ أسكبُ كلَّ ما في جعبةِ كلماتي ..لا النصُّ ينتهي ولا الزمانُ يوصِلُ ذراعيْنا من جديد .
.