في جلسة عائلية لفرع ناء من العائلة نادرا ما تحدث كانت ساعاتي الماضية . فرحت بوجوده أكثر من فرحتي بالعيد الذي ننتظره .. " أبيه حسام " على الرغم من انه لا يحوي في درج مكتبه أكبر شهادات التعليم إلا أن حديثه يأسرني بكل المقاييس . يحفظ من الشعر مالا أحفظه أنا هاويته يردد كل محتويات كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " وكأنه مفتوح أمام عينيه يقرأه بمنتهى السلاسة . آراءه يتبعها آية قرآنية أو شعر أو حديث . أعترف أن له عقل يفوق عقول من حصلوا على الماجستير أو الدكتوراه في كليات القمة – كما يدّعون- تمنيته زوج لي ولكن للأسف هو فعلا متزوج .. رحنا نحن بنات العائلة نسرد عليه مشاكلنا دون خجل لأننا واثقون أن رأيه سيفاجئنا كعادته وأن إصراري على رأي معين سيذوب أمامه في استسلام ورضا . فكان سؤالها :- هل تختار من أحبته بعقلها أم من أحبته بقلبها ؟ كان جوابه بشكل عام :- اشرحي لي من تحبيه بعقلك ومن تحبيه بقلبك ..فشرحت في عقد مقارنة كانت في صالح الأول الذي ذكرت كل مزاياه وأنه الرجل الذي ستندم على ضياعه العمر كله هو ذاك من تحبه بعقلها أم قلبها لا .. إذا فهي تعترف أنها لا تحبه . أما الآخر فلما تحدثت عنه ذكرت عفوا كل عيوبه والحسنة الوحيدة له لديها انه تحبه بكل قلبها .. تقول أنه يملأها ويغنيها عن رجال الدنيا بحنانه وفيض مشاعره ..عندما تجلس بجواره تشعر بدفيء غير عادي . أبيه " حسام " لم ينفعل عليها كيف تحب من كله عيوب ولا تحب من كل ميزات لأني أعرف ما بداخله أنه ليس من الضروري أن يكون الشخص ملاك أو به أحلى الخصال كي أحبه فالقلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيفما يشاء .. ولكنه قال :- كل النساء تطلب من الرجل الحنان والحب .. كلهن لها نفس الاحتياج بمعنى أنه ليس من الصحيح أن تختاري بعقلك فقط وتجنبي قلبك ولكن اعقدي موازنة وسطية فإذا لم تحبي الأول بقلبك وعقلك معا فلا معنى لوجوده في حياتك وإذا لم يرض الثاني عقلك فلا تضحي بكل شيء من أجل شيء واحد هل سترضين بعيوبه مقابل حبه ؟ وماذا لو ذهب الحب ؟ فالحب قبل الزواج هو رسم واهم للجنة أما الزواج فهو الدنيا وفي الدنيا فصول أربعة .. خريف , شتاء , ربيع , صيف ..هل ستصمدين إذا سقط العشق في أول فصل مع مساس أول عيب له بك ؟ وأنا أرى الفيصل بين الاثنين هو مقدار التدين وأعني بالتدين الوسطية لا التزمت لأن تدينه هو الذي يجعلك تشعرين بالأمان وأنه سيحافظ عليك فعلا .. ستلفين برأسك على الوسادة في ابتسام أنه بجوارك من يحمل عنك جرحا ممكن أن تقابلينه غدا .. سيتقبلك في جميع حالاتك .. سيغفر لك إهمالك مظهرك سقطا من ضغط الشغل ولن ينظر لأخرى غيرك . تغير وجهها :- تقصد زن ؟ إنها من الكبائر . يواصل حديثه ليست فقط من الكبائر بل هي فقر في المال ومرض في الأبناء .. ليت حد الزنا يكون الآخرة ولكنها ستمس الدنيا أولا والإنسان الضعيف هو الذي يفكر في مكان يخطف فيه عشيقته بعيدا عن عيون الناس ليعبث بجسدها ما يمنعه فقط هو وجود الناس لا وجود الله ولكن الإنسان المتدين هو الذي إذا همت نفسه بلحظة ضعف وأخذ يبحث عن مكان يخرج فيه ضعفه فسيبحث أولا عن مكان شرعي وإن شقت ظروفه سيبحث عن مكان لا يراه فيه الله فلا يجد فيعود أقوى مما كان .
حقا التدين هو الفيصل . لكني تسللت في حديثه خوفا عليها مبدية وجهة نظري التمردية أن لا شيء يضاهي الحب وأن كل شيء سهل الحصول عليه .. المال يمكن مجيئه العيوب يمكن معالجتها ..حتى التدين يمكن بمرض يصيب الإنسان يصبح بعدها أكثر قوى إيمانية مني ومنك . أرفض فكرة حب العشرة وأؤيد تماما حب العشق .. لست بحاجة لشخص يتحمل مسئوليتي فأنا لدي قوة شخصية لأتحمل مسؤولية نفسي . لست في احتياج لشخص ينفق علي فلدي عملي يكفيني .. أنا لست في احتياج أي شيء سوى حب يملأ قلبي يجعلني بعدها أكتب أحلى قصيدة وأروع قصة .. وأتنهد في انتشاء أني وجدت احتياجي في أمر شرعي . هذا هو رؤيتي للزواج .. سد احتياج لا أسس وقواعد وشروط مجتمعية فحسب . ومع ذلك فقد مال عقلي لرأي " أبيه حسام " وأنا أشجعها على أن تختبر تدينهما وأشجعها أكثر على اختيار الشخص الأول .. اختيار العقل وأنتظر النتيجة منها .